لماذا انتشر الاكتئاب ، في زمننا هذا ؟!.. ألأن الناس مقهورة ؟!.. أم لأن الاقتصاد متدهور ؟!.. هل لأن الأحوال السياسية مرهقة ؟!.. أم أنها الأحوال الاجتماعية ؟!.. أم هو الفساد ؟!.. أم ماذا ؟!.
لو طرحنا السؤال في ندوة علمية ( وأنا من أشد المؤمنين بالنتائج العلمية ) ، فسنجد أن هناك دول عديدة تعانى من ظروف أسوأ .. من اقتصاد متدهور .. وديكتاتورية عنيفة .. وقهر اجتماعي.. وفساد بلا حدود.. والناس هناك مرهقة ، متعبة ، غاضبة ، محبطة.. ولكنها لا تعانى ما نعانيه من اكتئاب.. فلماذا؟!.. لماذا ؟!.. لماذا ؟!.
الدراسات العلمية تقول : إن الاكتئاب ينشأ ، عندما يحاط الإنسان بمشكلات بلا حلول ، تمثل ضغطاً عنيفاً عليه ، وقهر نفسي مستمر ، حتى أن التفكير فيها يرهق المرء ، فيصاب بتلك الحالة.. والدراسات العلمية أيضاً تؤكد أن الاكتئاب يصيب من يعيشون بكيانهم كله في المشكلة.. ودون تفريغ.. تماماً مثل حلة البخار ، لو واصلت أعماقها الغليان ، دون وجود ذلك الثقب في أعلاها ، فستصل حتماً إلى الانفجار.. وما ينقذها من الانفجار، هو ذلك الثقب.
الثقب الذي يفرغ البخار أولاً بأول، فيخفف الضغط، ويمنع الوصول إلى مرحلة الغليان.. والإنسان هو صورة طبق الأصل من المرجل.. المشكلات والمتاعب ومصاعب الحياة تغلي في أعماقه.. وتغلي.. وتغلي.. وعليه أن يصنع ذلك الثقب في حياته.. الثقب الذي يطرد بخار الغليان.. ويمنع الانفجار.
ومشكلتنا في مصرنا، هي أننا نرفض وجود هذا الثقب ، وتحيط بنا تيارات عجيبة ، ترفض ، وتستنكر ، وتحًَّرم أي نوع من ثقوب الحياة.. تيارات ترفض أن تفرغ بخار الغليان.. وتصنع ضغطاً جديداً على حياتنا.. حتى ننفجر ، ونصاب بالاكتئاب.. أو ما هو أسوأ.
والمؤسف أننا نخضع لتلك التيارات، ونضغط على أنفسنا أكثر وأكثر، حتى ننفجر.. الشعوب الأخرى لا تصل إلى هذه المرحلة، لأنها تبحث دوماً عن وسيلة، أو وسائل لتفريغ الضغوط.. وسائل للمرح ، والسعادة ، والترويح عن النفس.
الدول الأخرى ، والشعوب الأخرى ، تقيم المهرجانات ، والاحتفالات ، والمناسبات المفرحة ، ولا تخنقها بواجبات اجتماعية ثقيلة ، لم تعد تناسب إيقاع هذا العصر.. وهذا يخففًَّ عنها الضغط.. أو الضغوط.. ويسعدها ، ولو لحظات.. ويفرحها ، ولو ليوم واحد.. ويبهجها.. ولو لساعة.
المهم أن تفرغ الضغط ، وتخففًَّ الغليان ، وتمنع الوصول إلى مرحلة الانفجار.. أو مرحلة الاكتئاب.. وهذه هي الوسيلة المثلى ؛ للخلاص من الضغوط.. الحياة بها بالفعل الكثير من المتاعب، والمشكلات والضغوط ، ولكن بها أيضاً فرص للسعادة والفرحة ، والبهجة ، والمرح.. دعونا ننتبه إلى هذا الجانب الثاني.
دعونا ندركه.. ونبحث عنه ، لو اقتضى الأمر.. دعونا نبحث عن فرصة للسعادة والمرح والفرحة والبهجة.. دعونا نغنى للحياة.. لحظتها قد نكتشف أن الأمر ليس بهذا السوء.. وأن البهجة ممكنة.. والسعادة موجودة.. والأمل لم ينعدم بعد.. وعندما نفعل هذا ، دعونا نفعله بالأسلوب الصحيح.. ليس بالخروج عن التقاليد.. أو الآداب.. أو الالتزام.. أو النظم الاجتماعية.. فالأمر لا يحتاج فعلياً إلى هذا ؛ إذ أن البهجة أمر بسيط ، وليس حالة معقدًَّة كما نتصوًَّر.. هذا لو أننا بالفعل ، نبحث عنها.
الكبار والأثرياء، عندما يبحثون عن البهجة، يسافرون إلى دول أخرى، أو إلى منتجعات فاخرة.. والناس الأبسط تسافر إلى المصايف ، أو إلى الحدائق ، أو الكباري ، في الأيام شديدة الحرارة.. والناس الأكثر بساطة تكتفي بالتزاور، أو لم شمل الأسرة ، أو حتى بقضاء يوم مع الأبناء.. ومن يبحث عن البهجة والسعادة سيجدها.. ومن يرفض البحث عنهما ، سيجد أنهما بعيدتان.. بعيدتان.. وربما للغاية.
أسلوب تخفيف الضغط إذن يكمن داخلك ، وليس خارجك.. انه هناك ... في أعماقك.. تماماً مثل الغليان.. المصاعب والمتاعب تغلي في أعماقك.. وأسلوب مقاومتها أيضاً هناك.. في أعماقك.. إنها فقط مسألة إيمان بأنه هناك وسيلة لتخفيف الضغوط ، ومنع الغليان ، وإيقاف التواصل ، قبل الوصول إلى مرحلة الانفجار.. مسألة إيمان بالأمل.. بالفرج.. بالمستقبل.. عندئذ قد تتغير أحوالك.. وتتبدل نظرتك للحياة.
عندئذ قد تدرك أن ذلك الثقب ، الذي يفرغ بخار الغليان ، هو ما كان ينقصك ، حتى يمكنك أن تتحمل الضغوط ، وتتجاوز المشكلات ، أو حتى تنساها ، ولو لدقائق.. وستفعل هذا وأنت بكامل وعيك على الأقل.. ستفعله دون اللجوء لوسائل مغيبًَّة.. أو خداع للنفس.. أو إخماد للذهن.. ستفعلها ، وأنت تدرك أنك تفعلها.. وهذا بالطبع أفضل.. ألف مرة.. لو أنك من أولى الألباب ، وأصحاب العقول.
وتصوًَّر أن البحث عن البهجة نوع من الرفاهية ، وأنك متخم بالعمل ، إلى الحد الذي لا يسمح بهذا ، هو نوع من عدم التقدير ، ففي الحرب العالمية الثانية مثلاً ، كان (هتلر) و( تشرشل ) حريصين طوال الوقت على إجازتهما الأسبوعية ، على الرغم من عنف وشراسة وحساسية الحرب ، وعندما قررًَّ (هتلر) ، مع اشتعال الموقف ، إلغاء إجازته الأسبوعية ، بحجة أن الظروف لا تسمح بهذا ، هللًَّ الشعب الألمانى لحكمة قائده ، وعظيم تضحيته ، ولكن المراقبين الدوليين كان لهم رأى آخر.
لقد رأوا أن ما فعله (هتلر) يعنى أن العد التنازلي قد بدأ ..وأن (ألمانيا) ستخسر الحرب.. حتماً.. فعندما يلغى (هتلر) إجازته ، ستضيع منه فرصة تفريغ الضغط ، ومع الوقت ستصبح قراراته عصبية ، حادة ، عنيفة ، وتفتقر إلى الحكمة وحسن التقدير.. وهذا يعنى الهزيمة.. ولقد كانوا على حق تماماً.
(تشرشل) واصل إجازاته ، و(هتلر) حذفها تماماً من حياته ، وبدأت قراراته تتسم بالعصبية والحدة ، وبدأت مرحلة هزائمه ، بعد سنوات من انتصارات ساحقة.. وخسرت (ألمانيا) الحرب.. وفى هذا حكمة لأصحاب العقول.. غن للحياة .. امرح .. افرح .. ابتسم.. هذه روشتة القضاء على الاكتئاب.. وروشتة النجاح.. كل النجاح .
الخميس 24 أكتوبر 2024, 10:40 pm من طرف Admin
» بتكلفة 90 مليون جنيه.. محافظ سوهاج يتفقد سير العمل بمستشفى "برديس" بالبلينا عقب تطويرها
الأحد 07 يوليو 2024, 5:50 pm من طرف Admin
» مستشفي البلينا
الأربعاء 10 يناير 2024, 8:34 am من طرف Admin
» الانتهاء من تجديد مدرسة "برديس" الابتدائية بالبلينا بتكلفة 9 ملايين جنيه
الجمعة 13 نوفمبر 2020, 11:54 am من طرف Admin
» تعرف على حكاية أقدم مسجد في برديس بمحافظة سوهاج
الجمعة 13 نوفمبر 2020, 11:50 am من طرف Admin
» قافلة جامعة سوهاج البيطرية تعالج 620 حالة بنجوع برديس
الجمعة 13 نوفمبر 2020, 11:44 am من طرف Admin
» تهنئة بحلول شهر رمضان المبارك عام 1441 هجرية
الجمعة 24 أبريل 2020, 3:48 pm من طرف Admin
» فياد بن رسلان
الجمعة 24 أغسطس 2018, 9:02 pm من طرف محمد العمري
» عشيرة الحديد - الأردن
الأحد 12 أغسطس 2018, 5:55 pm من طرف راشد مرشد